بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴿١﴾ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴿٢﴾ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴿٣﴾ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴿٤﴾ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ﴿٥﴾ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴿٦﴾ وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ﴿٧﴾ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿٨﴾ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿٩﴾ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴿١٠﴾
سورة البروج
إنها قصة فتاً آمن بالله ، وتوكل على الله ، وثبت على دين الله
، فآمنت معه قريته.
كان هناك ملك كافر يدّعي الألوهية ، وكان لهذا الملك
ساحر يستعين به في كل االأمور ، في يوم من الأيام تقدم العمر بهذا الساحر ، فطلب من الملك ان يحضر له
غلاماً يعلمه السحر ، ليساعد الساحر ويحل محله بعد وفاته .
وطلب الملك من مساعدية بأحضار غلام يتمتع بالفطنة
والذكاء ليتعلم من الساحر خفايا السحر ، فوقع الأختيار على غلام يعيش في هذه
القرية .
وعندما كان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه كان يمرّ في
طريقة على راهب يحب حديثة و مجالسته . وكان الساحر يضرب الغلام إذا لم يحضر ، فشكى
الغلام للراهب ما كان يحصل معه ، فقال له الراهب إذا خشيت الساحر فقل له حبسني
أهلي ، وإذا خشيت أهلك فقل لهم حبسني الساحر.
وفي أحد الأيام جائت الفرصة للغلام كي يعرف أيهم أفضل ،
الساحر أم الراهب ، حيث كان هناك دابة عظيمة تسدّ على الناس الطريق ، فأخذ الغلام
الحجر وقال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي
الناس. ثم رمى الدابة فقتلها ومضى الناس في طريقهم .
فذهب الغلام إلى الراهب وأخبره ما حصل معه ، فقال له
الراهب يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستُبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.
وبتوفيق من الله تعالى كان الغلام يستطيع أن يبرئ الأكمه
والأبرص ويعالج الناس، فسمع بذلك أحد جلساء الملك الذي كان يعاني من فَقَدَ بصره.
فقام بجمع الهدايا وتوجه بها إلى الغلام ، وقال له ستكون هذه الهدايا من نصيبك إذا
شفيتني و أعدت لي بصري ، فقال له الغلام أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن
آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.
وفرح الجليس كثيراً وذهب كعادتة لمجالست الملك ، فسأله الملك من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بكل ثقة وإيمان: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك
ربّ غيري؟ فأجاب الجليس المؤمن بربه دون تردد: ربّي وربّك الله. فغضب الملك، وأمر بتعذيبه.
فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام .فأمر الملك بإحضار الغلام ، فقال له
الملك يا بني قد بلغت من العلم والسحر مبلغاً عظيماً ، فأصبحت تبرئ الأكمه ، والأبرص
وتفعل وتفعل. فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه.
فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.
وعندها طلب الملك أحضار الراهب وأمرة بالرجوع عن دينه
فما كان من الراهب إلا أن رفض ، فأمر الملك بأحضار منشار ووضع على مفرق رأس الرهب
ونشر فنشق إلى نصفين ، ثم أمر الملك بأحضار الجليس وطلب منه الرجوع عن دينه فرض
الجليس أيضاً ، فأمر الملك بوضع المنشار على شق رأس الجليس ونشره فنشق إلى نصفين .
ثم أمر الملك باحضار الغلام وأمرة بالرجوع عن دينه فرفض
، وعندها امر الملك بأخذ الغلام والصعود به إلى قمة الجبل وإلقائة الى الأسفل ،
فما كان من الغلام المؤمن بقضاء الله إلا أن يدعو ربه اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ
الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فسأله الملك: أين من كان معك؟ فأجاب:
كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر،
ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.
ونفذ الجنود أوامر الملك وذهبوا إلى وسط البحر ، وهناك
دعى الغلام ربه اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا
الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل
على الله: كفانيهم الله تعالى.
وعندها قال الغلام للملك إذا أردت قتلي فعليك أن تفعل ما
أمرك به . فقال له اللمك ماذا أفعل ، فقال الغلام عليك أن تجمع أهل القرية كلها في
مكان واحد وتصلبني على جذع شجرة ، ثم تأخذ سهماً من كنانتي وتضع السهم في القوس، وتقول
"بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.
وعلى الفور نفذ الملك ما أخبره به الغلام ، فجمع الناس ،
وصلب الغلام ، رماه بالسهم ، وقال "بسم الله ربّ الغلام" ، وأصاب السهم
صدغ الغلام ومات على الفور ، وعندها صرخ الناس آمنا بربّ الغلام ، آمنا بربّ الغلام
، آمنا بربّ الغلام .
فصرخ أصحاب الملك وقالوا له أرأيت ما كنت تخشاه قد حصل ! لقد آمن الناس بربّ الغلام .
فأمر الملك بحفر أخدود في الأرض، وإشعال النار فيها.ثم قام بتخيير
الناس، إما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل الجنود ما أمروا به ، حتى
جاء دور امرأة ومعها أبنها ، فخافت من النار ، فقال لها الصبي يا أمّاه اصبري فإنك
على الحق.
فأُتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك
حذرُك قد آمن الناس. فأمر بالأخدود بأفواه السكك، فخُدَّت وأُضرم فيها النيران وقال:
من لم يرجع عن دينه فأقحموه. ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع
فيها، فقال لها الغلام: يا أماه، اصبري فإنك على الحق" رواه الإمام مسلم كتاب
الزهد والرقائق باب قصة الغلام، ورواه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، ورواه الإمام
الترمذي في باب سورة البروج.
0 التعليقات:
إرسال تعليق