نزعة عرق : أنه يحتمل أن يكون للمولود جد أعلي فأخذ منه الطفل جيناته الوراثيه.
قبل ألف أربعمائة عام فسر النبي صلي الله علية وسلم حالة نادرة جداً أثارت علماء القرن الحادي والعشرين ولم يجدوا لها تفسيرا .
فقد روى ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال “يا رسول الله إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود، وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط”.
إنه لأمر غريب أن تلد الأم طفلاً أسود لأبوين أبيضين، ولا يوجد في العائلة أي فرد أسود، فمن الطبيعي أن يشك هذا الرجل بزوجته .
كيف نظر النبي الكريم لمثل هذه الحالات النادرة؟ في زمن الجاهلية حيث بُعث النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، كان الاعتقاد السائد لدى معظم الناس أن أي امرأة تلد ولداً يختلف لونه عن لون أبويه لابد أن تكون زانية وأن الولد ليس ولده؟ مسألة الشرف عند العرب قضيّةٌ لا تقبل المساومة، فقد كانت بمثابة الخطّ الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه .
النبي الرحيم خاطب هذا الأعرابي بلغة يفهمها وهي تطابق العلم الحديث مئة بالمئة! والنبي صلى الله عليه وسلم أدرك مراد الرّجل على الفور، فأراد أن يطمئنه أن هذا التباين الحاصل في لون البشرة جائزٌ عقلاً، وله في الواقع شواهد ونظائر، فقال له: (هل لك من إبل؟) ، قال: نعم، قال: (ما ألوانها؟) ، قال: حُمْر، فسأله إن كان فيها ما يُخالف لونها وما سبب ذلك؟ فقال: أراه عرقٌ نزعه ، قال: ( فلعل ابنك هذا نزعه عرق). [حديث حسن صحيح من صحيح ابن ماجه].
وعند النظر إلى طبيعة المثال الذي ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي يتبيّن حسن تعليمه عليه الصلاة والسلام للناس حين اختار مثالاً يلامس واقع الحياة والبيئة التي كان يعيشها العرب أنذاك، كما أن ذلك المثل المضروب كان مبني على أسئلة مترابطة تستنطق الأعرابي وتقوده إلى القناعة بنفسه، فصلوات الله وسلامه على معلّم البشريّة الأوّل. فهو بيان حسن تقدير النبي صلى الله عليه وسلم للأمور؛ فإن المسألة لها علاقة بالنسب والشرف، والسائل أعرابي من البادية، فلم يكن من الحكمة الاكتفاء بالجواب المباشر الذي قد لا يشفي غليلاً خصوصاً في مثل هذه الأمور الحسّاسة.
وبعد أكثر من ألف وأربع مئة سنة تتكرر الحالة ذاتها حيث أثارت أستغراب علماء القرن الحادي والعشرين حين ولدت طفلة شقراء ذات عيون زرقاء لأبوين أسودين، وهي حالة نادرة جداً، حيث وصف الوالدان الدهشة التي اعترتهما لدى ولادة الطفلة بقولهم: “جلسنا كلانا نحدق فيها بعد الولادة.”
وبناءً على دراسات دقيقة أكد العلماء والأطباء أن الجينات يمكن أن تنزع أو كما يعبرون بقولهم: “نزوة جينية”، هذا ما عبّر عنه النبي بقوله: “عسى أن يكون نزعه عرق” وهذا يطابق تماماً أقوال العلماء اليوم.
ويقول البروفيسور براين سكايز: حتى يكون الطفل أبيض تماماً، لا بد أن يكون للوالدين أصولاً بيضاء.. وتفسير ذلك يمكن في الاختلاط العرقي حيث تحمل النساء جينات لبشرة بيضاء وأخرى سوداء، وبالمثل يحمل الرجل جينات مشابهة في حيواناته المنوية” [حسب مجلة تايم].
ورفض الأطباء نظرية أن تكون هذه الطفلة من فئة الأشخاص شديدي البياض جراء اضطرابات وراثية تصيب النظام الصبغي للبشرة – “البينو” “Albino – ولم يجدوا تفسيراً للحالة سوى أنها “نزوة جينية.”
0 التعليقات:
إرسال تعليق