الاثنين، 27 يوليو 2015

سلطان الحقيقي مقال لدكتور مصطفى محمود رحمه الله تعالى




قل لي فيم تفكر أقل لك من أنت ..... 

هل أنت مشغول بجمع المال و امتلاك العقارات و تكديس الأسهم و السندات ؟ أم مشغول بالتسلق على المناصب و جمع السلطات و التحرك في موكب من الخدم و الحشم و السكرتيرات ؟ أم أن كل همك الحريم و موائد المتع و لذات الحواس و كل غايتك أن تكون لك القوة و السطوة و الغنى و المسرات ..

إذا كان هذا همك فأنت مملوك و عبد مملوك لأطماعك و شهواتك و عبد لرغباتك التي لا شبع لها و لا نهاية فالمعنى الوحيد للسيادة هو أن تكون سيدا على نفسك أولا قبل أن تحاول أن تسود غيرك. أن تكون ملكا على مملكة نفسك أن تتحرر من أغلال طمعك و تقبض على زمام شهوتك .

و القابض على زمام شهوته ، المتحرر من طمعه و نزواته و أهوائه لا يكون خياله مستعمرة يحتلها الحريم و الكأس و الطاس ، و الفدادين و الأطيان و العمارات ، و المناصب و السكرتيرات .

الإنسان الحقيقي لا يفكر في الدنيا التي يرتمي عليها طغمة الناس .

و هو لا يمكن أن يصبح سيدا بأن يكون مملوكا ، و لا يبلغ سيادة عن طريق عبودية و لا ينحني كما ينحني الدهماء و يسيل لعابه أمام لقمة أو ساق عريان أو منصب شاغر فهذه سكة النازل لا سكة الطالع . 

و هؤلاء سكان البدروم حتى و لو كانت أسماؤهم بشوات و بكوات، و حتى و لو كانت ألقابهم، أصحاب العزة و السعادة . 

فالعزة الحقيقية هي عزة النفس عن التدني و الطلب

و ممكن أن تكون رجلا بسيطا ، لا بك ، و لا باشا ، و لا صاحب شأن ، و لكن مع ذلك سيدا حقيقيا ، فيك عزة الملوك و جلال السلاطين ، لأنك استطعت أن تسود مملكة نفسك . 

و ساعتها سوف يعطيك الله السلطان على الناس و يمنحك صولجان المحبة على كل القلوب

انظر إلى غاندي العريان .. البسيط .. كم بلغ سلطانه ؟ 

كان يهدد بالصوم فيجتمع مجلس العموم البريطاني من الخوف و كأن قنبلة زمنية ستقع على لندن و كان يجمع أربعمائة مليون هندي على كلمة يقولها و كأنها السحر . 

هذا هو السلطان الحقيقي . 
هذا هو الملك الحقيقي الذي لا يزول 

الحريم و القصور و الكنوز و الثروات و العمارات مصيرها إلى زوال .

لن تأخذها معك إلى تابوتك سوف تنتقل إلى الورثة ثم إلى ورثة آخرين ، ثم تصبح خرائب مع الزمن .

أما محبة الملايين فسوف تصاحبك في تابوتك و تظل علما على اسمك مدى الدهر كما تفوح الذكرى عطرة تضوع بالشذا كلما جاء اسم غاندي على الألسن . 

الغنى الحقيقي أن تستغني .

و الملكية الحقيقية ألا يملكك أحد ، و ألا تستولي عليك رغبة ، و ألا تسوقك نزوة 
و السلطنة الحقيقية أن تكسب قيراط محبة في دولة القلوب كل يوم .

تذكر أن الذين يملكون الأرض تملكهم و الذين يملكون الملايين ، تسخرهم الملايين ، ثم تجعل منهم عبيدا لتكثيرها ، ثم تقتلهم بالضغط و الذبحة و القلق  ثم لا يأخذون معهم مليما . 

صدقني هؤلاء هم الفقراء حقا ....

0 التعليقات:

إرسال تعليق