الخميس، 16 يوليو 2015

قصة ذو القرنين

قال الله تعالى:(( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا  )) سورة الكهف الآيات 83-98




أخبرنا الله سبحانه وتعالى ان ذو القرنين هو ملك صالح عادل ، قد آمن بالله وبالبعث والحساب ، فأعانه الله في فتوحاته ، وقوّى مُلكه .
بدء ذو القرنين فتوحاتة متجهاً غرباً لمكان تبدو الشمس كأنها تغيب من وراءه ، يُعتقد أنه شاطئ المحيط الأطلسي ، فكان ملك صالح ، يعاقب المعتدي الظالم ، ويكرم ويحسن إلى من آمن وأتقى .
بعدما أنهى ذو القرنين فتوحاته في الغرب توجه للشرق لأرض مكشوفة لا شجر فيها ، تحجب المرتفات الشمس عن أهلها ، وحكم فيها بالعدل والأحسان الذي حكم فيه بغرب البلاد.
وأكمل ذو القرنين طريق فتوحاته حتى وصل الى قوم يعيشون بين جبلين ، يتحدثون لغة يصعُبُ فهمها ، وعندما وجد القوم حكم ذو القرنين العادل ، طلبوا من ذو القرنين أن يساعدهم في صد ظلم يأجوج ومأجوج عنهم ، حيث طلبوا منه أن يبني لهم سدا بينهم وبين يأجوج ومأجون ، مقابل مبلغ من المال .
وافق الملك العادل الصالح على بناء السد لكن بشرط أن يعمل معه القوم في بناء السد ، ورفض أخذ المال .
قام ذو القرنين بأستخدم وسيلة هندسية مميزة لبناء السّد ، حيث قام بجمع قطع الحديد ووضعها في الفتحة حتى تساوى الركام مع قمتي الجبلين ، أي طمر الوادي بالحديد. ثم أشعل النار على الحديد، وسكب عليه نحاسا مذابا ليلتحم وتشتد صلابته ، وهكذا سدّت الفجوة، وانقطع الطريق على يأجوج ومأجوج، فلم يتمكنوا من هدم السّد ولا تسوّره. وأمن القوم الضعفاء من شرّهم.
ومن صفات ذو القرنين التواضع فبعد أن انتهى من بناءالسّد، نظر إليه ، وحمد الله على على هذا النجاز العظيم ، الذي لولا فضل الله وتوفيقة لم يكن لينجز بهذه السرعة والأتقان ،فلم تأخذه العزة، ولم يسكن الغرور قلبه.
يقول سيّد قطب رحمه الله في ذو القرنين : "وبذلك تنتهي هذه الحلقة من سيرة ذي القرنين. النموذج الطيب للحاكم الصالح. يمكنه الله في الأرض, وييسر له الأسباب; فيجتاح الأرض شرقا وغربا; ولكنه لا يتجبر ولا يتكبر, ولا يطغى ولا يتبطر, ولا يتخذ من الفتوح وسيلة للغنم المادي، واستغلال الأفراد والجماعات والأوطان, ولا يعامل البلاد المفتوحة معاملة الرقيق; ولا يسخر أهلها في أغراضه وأطماعه.. إنما ينشر العدل في كل مكان يحل به, ويساعد المتخلفين, ويدرأ عنهم العدوان دون مقابل; ويستخدم القوة التي يسرها الله له في التعمير والإصلاح, ودفع العدوان وإحقاق الحق. ثم يرجع كل خير يحققه الله على يديه إلى رحمة الله وفضل الله, ولا ينسى وهو في إبان سطوته قدرة الله وجبروته, وأنه راجع إلى الله." في ظلال القرآن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق